بقلم المحامي عباس عباس – مدير عام المنارة
“أصحاب التحديات” هو التركيب الذي أصبح يُستخدم حديثًا ليكون أرقى في التعبير عن أصحاب الإعاقات او ذوي الاحتياجات الخاصة.. قديمًا استُخدمت تراكيب أخرى أكثر فظاظة أو مباشرة في التعبير عنهم “المكفوفون، المعاقون، مبتوري الأطراف، مشلولون… إلخ”.
لكن هذه العبارات جميعًا مهما اختلفت حدتها وإيلامها، ومهما حاولت أدبيات اللغة أن تعبر عن معانيها المباشرة بلمسة من الاحترام؛ فإنها في النهاية لا تعدو أن تكون صورة لمعانٍ واحدة تجول في ذهن الكاتب والقارئ والسامع، معان كلها لا تلتفت إلا لجوانب النقص في هذا الإنسان الذي ما زال موجودًا على ظهر البسيطة وله الحق في العيش والحب والجمال، كما أن عليه مسئولية العطاء ورعاية غيره.
جاءت ذكرى اليوم العالمي المخصص لهم تحت مسميات متقاربة؛ لتؤكد أن المجتمع مهما حاول التعامل برقي مع هذه القضية واستدرار جوانب العطف على هذه الشريحة؛ إلا أن المفهوم المنشود والرسالة التي طالما حاولت هذه الشريحة إرسالها؛ لم تصل بعدُ لمسامع المجتمع.. هذه الرسالة فحواها أن صاحب التحدي هو بالفعل صاحب إنجاز؛ أولا على المستوى الشخصي بمواجهة جوانب ضعفه، وإنجاز على المستوى الاجتماعي في مواجهة مجتمعه الرافض والنابذ له من جهة، ومواجهة مسئولياته المعيشية والعاطفية والعلاقات المختلفة مع من حوله من جهة أخرى.
أصحاب التحديات ليسوا عالة على المجتمع، لا يبغون شفقة ولا صدقة ولا حياة منعزلة ومخصصة؛ هم فقط شريحة من المجتمع مختلفون في بعض قدراتهم عن الشريحة السائدة؛ قصار القامة منا مثلًا لا يستطيعون القيام بأفعال طوال القامة، وأصحاب السمنة تعيقهم أوزانهم عن ممارسة بعض أعمال يمارسها غيرهم، والأطفال يمكنهم ما لا يمكن للكبار والعكس.. قس على ذلك كل ذوي التحديات، وبناءاً عليه، فإن كل التحديات التي ذكرت هي تندرج تحت خانة التنوع البشري.
المطلوب هو أن نقبلهم بيننا كأفراد طبيعيين، لهم ما لنا وعليهم ما علينا؛ هم مطالبون بالعمل والإنتاج والحب والعطاء؛ عليهم واجبات، ولهم حقوق كغيرهم من الفئات، لا يبغون تخصيص أماكن أو أعمال أو مجتمعات؛ بل أن نضعهم في مخططاتنا ومجتمعاتنا كأعضاء فاعلين مغيرين ومؤثرين.
قد تكون المجتمعات قد أخطأت حينما همشت هذه الطائفة، وقد يكونون هم قد استسلموا لهذا التهميش فعززوا تلك الفكرة.
لكن الأمل والإصرار والاحتضان هو ما يعطي كل فرد حقه في العطاء والنجاح.
نحن في المنارة مستمرون في مسيرتنا التي انطلقت منذ أكثر من 15 سنة من أجل التأثير والتغيير في مكانة أصحاب التحديات، ونحن ننتهز فرصة اليوم العالمي لحقوق أصحاب التحديات لنطلق هذه الرسالة ساعين أن تصل إلى أكبر قدر من الناس، لينضموا معنا ويساندونا في مسيرتنا العادلة.